•  مؤسسة ابن طفيل تستثمر جائزة الشيخ حمد للترجمة في تعزيز التراث الأندلسي  

مؤسسة ابن طفيل تستثمر جائزة الشيخ حمد للترجمة في تعزيز التراث الأندلسي

مؤسسة ابن طفيل تستثمر جائزة الشيخ حمد للترجمة في تعزيز التراث الأندلسي

 

أنشئت مؤسسة ابن طفيل للدراسات العربية سنة 2003 على يد أساتذة جامعيين إسبان، بهدف تدعيم المعرفة ونشر البحوث حول لغة وأدب وتاريخ العالم العربي في النطاق الإسباني بشكل عام، والأندلسي بشكل خاص، باعتباره ملتقى للحضارتين العربية الإسلامية والغربية، حيث تركزت جهودها على الأعمال والأنشطة التي تساهم في التعرف على الثقافتين العربية والأندلسية، وتسهيل تعلم اللغة العربية.

وفي إطار نشاطاتها، قامت بنشر أكثر من 40 مؤلفا وترجمة، من أبرزها العمل الجماعي "مكتبة الأندلس"، الذي اشترك فيه 171 باحثا بهدف تصنيف جلّ الإنتاج الفكري المكتوب باللغة العربية في الأندلس وما تمت ترجمته من ذلك الموروث، بما في ذلك المقطوعات الشعرية. كما تم اعتماد الترجمة غير المباشرة للنصوص العربية التي تحتوي معلومات حول المؤلفين والمؤلفات الأندلسيين. وتشمل هذه المكتبة مجالات عديدة كالتاريخ والجغرافيا والفلسفة وعلوم الفلك والفلاحة، بالإضافة إلى الدراسات القرآنية وعلم الحديث وعلوم اللسان والفقه والأدب.

وتقديرا لجهود المؤسسة في مجال الترجمة وإحياء الموروث الأندلسي، مُنحت جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في فئة الإنجاز سنة 2016، خلال الدورة الثانية من الجائزة، التي اختيرت فيها اللغة الإسبانية كلغة أساسية إلى جانب اللغة الإنجليزية.

لم تكتفي مؤسسة ابن طفيل بتلقي الجائزة وإضافتها إلى قائمة إنجازاتها، ولكن قررت الاستفادة من المبلغ المالي لاستثماره في إكمال وتطوير مشروعين ثقافيين هامين.

أولهما، كتاب "السلطة والمثقفون في الأندلس - التسلسل الزمني"، الذي نشر في عام 2018. ويمكن اعتباره كتابا تكميليا لمكتبة الأندلس، إذ يستخدم التسلسل الزمني لتنظيم الكمية الكبيرة من البيانات وتوفير إمكانية ربطها وتحديد موقع المؤلفين بطريقة يسيرة. كما يتضمن التسلسل الزمني للعديد من العلماء الأندلسيين الآخرين الذين تميزوا بنقل الأعمال كرواة، بالإضافة إلى التواريخ الرئيسية في حكم الأندلس. وأدمجت مع كل ذلك تواريخ الكوارث الطبيعية والمجاعات والأوبئة وغيرها من الأحداث التي أثرت بشكل واضح على مجرى التاريخ.

وكانت نتيجة هذا التسلسل الزمني هي ‎11250‏ سجلا أو خبرا موزعة على ثلاث فئات: السير الذاتية،‏ والتاريخ، والأخبار المتعلقة بالجوانب الاجتماعية والثقافية.‏ كما استعملت أنماط رسومية مختلفة لتسهيل عملية التعرف عليها.

وبفضل ذلك، يعتبر هذا العمل لبنة أساسية لدراسة تاريخ الأندلس، وإدراك ماهيته وما يمثله، إذ يتيح الفرصة للتعمق في التفاصيل بشكل لم يسبق له مثيل، كما يوفر للباحثين إمكانية إيجاد الأخبار ذات صلة بسرعة وربطها بينها.

 

أما المشروع الثاني، فهو الفيلم الوثائقي التاريخي “غرناطة دمشق الأندلس” الذي أنتج سنة 2020‏ باللغتين الإسبانية والعربية من قبل شركة سيغوندو بلانو، ومؤسسة ابن طفيل للدراسات العربية، بالتعاون مع مجلس أمناء قصر الحمراء والعريف، وبفضل مساهمة جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي.

نشرت النسخة الإسبانية على الموقع الرسمي لقصر الحمراء في غرناطة. وفي غضون ثلاث سنوات فقط، تصدرت قائمة الفيديوهات من حيث عدد المشاهدات.

يروي الوثائقي قصة كل من غرناطة والحمراء اللتان لا يمكن الفصل بينهما. قصر الحمراء، الحصن البسيط من الخارج والقصر الفخم من الداخل، بجدرانه المزخرفة التي تخاطبنا بلغة عربية بديعة. هو من أعمال الدولة النصرية التي حكمت مملكة غرناطة لأكثر من قرنين ونصف القرن. وغرناطة، من جانب آخر، لها تاريخ عريق يرويه ابن الخطيب، أشهر عالم عربي غرناطي، وكاتب سيرته المقري. نتجول داخل غرناطة الأندلسية، المدينة ذات الماضي الباهر الذي لا يزال يحتفظ إلى اليوم بسحر الحضارة العربية، والتي قال عنها الغرناطي المنفي بالمشرق أبو الحسن بن سعيد: "لا يأخذها وصف ولا ينصف في ذكرها إلا الرؤية". كما يعكس عنوان الوثائقي العلاقة الوثيقة التي كانت تربط بين غرناطة وأراضيها من جهة، وبين الأمويين السوريين من جهة أخرى، لدرجة أنها سميت 'دمشق المشرق"، خاصة لغوطتها.

إن استثمار مؤسسة ابن طفيل منحة جائزة الشيخ حمد للترجمة في مشاريع تثقيفية مهمة يعكس التزامها برسالتها الهادفة إلى تعزيز التواصل بين الثقافتين العربية والإسبانية. ويثبت أن الترجمة الأدبية والتبادل الثقافي يخولان بناء جسور من التفاهم بين الشعوب ونشر العلم والمعرفة.

نشر :